لقرآن كتابُ اللهِ المُعجِزُ الذي تَحَدَّى الله تعالى به الأوَّلِين والآخِرين مِن الإنس والجنِّ على أنْ يَأتوا بمثله، فعجَزُوا عن ذلك عجزًا بيِّنًا، وهو مُعجِزةٌ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تُثبِت نبوَّته ورسالته، وقد كان كلُّ نبيٍّ يُرسِله الله تعالى إلى قومه مُؤَيَّدًا بمُعجِزة أو أكثر من المُعجِزات؛ فصالحٌ عليه السلام آتَاه اللهُ الناقَة آيَةً وإعجازًا لقومه عندما طلَبُوا منه آيَة الناقة، وموسى عليه السلام حين أرسَلَه الله تعالى إلى فرعون أعطاه مُعجِزة العصا، وعيسى عليه السلام أعطاه اللهُ آيَاتٍ، منها: إبراءُ الأَكْمَه، وإحياءُ الموتى بإذنه تعالى. أمَّا مُعجِزة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقد كانت هذا القرآنَ المُعجِز؛ روى البخاريُّ بسنده عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ما مِن نبيٍّ إلا أُوتِي ما مثله آمَن عليه البشَر، وإنما كان الذي أُوتِيتُه وحيًا أُوحِيَ إليَّ، فأوَدُّ أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة)) القرآن الكريم هو إذًا مُعجِزة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أَعْجَزَ الخَلْقَ أن يأتوا بمثله، وقد تَحَدَّاهم القرآن أن يأتوا بمثله فعجَزُوا. ونُبُوَّة نبيِّنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم بُنِيَتْ على هذه المُعجِزة، وهي مُعجِزة عامَّة عمَّتْ الثَّقَلَيْن، وبقِيَتْ بقاءَ العصْر، ولُزُوم الحجَّة به باقٍ مِن أوَّل وُرودها إلى يوم القيامة.